هل تعلم من هم الذين تحداهم القرآن ؟
هل هم العرب ؟ هل هم اللغويون ؟ أم وجه تحديه لطلاب العلم كافة حتى أولئك الذين تخصصوا في بقية المعارف و لم يتسنى لهم أن يحصلوا من العربية إلا بسائطها و لم يدرسوا اللغة في عمومها أو لم يتعمقوا درسها ؟
إن موضوع التحدي قد وضحه الله تعالى في قوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)، الآية 23، سورة البقرة.
و يدرك الناظر في الآية، أن الله تعالى قد تحدى البشر جميعهم. ذلك أن الآيتين السابقتين لهذه الآية تدلان على ذلك، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ .:. الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) الآيات 21 و22، سورة البقرة.
فالكلام موجه للناس بعمومهم.. و ألطف من ذلك أن الناظر في الآيتين الأخيرتين ير أنهما أشارتا إلى جميع أصناف العلوم، من الخلق و ما يتصل به..
كعلم الأحياء و البيولوجيا، إلى التاريخ و ما يتصل به من دراسة الأمم السابقة و الاعتبار بها..
إلى الأرض و ما يتصل بها، من علم ما فيها من الكائنات و ما بها من طبقات، و ما على سطحها من أنهار و من تراب و ما فيها من زلزل و براكين و إلا فلماذا قال تعالى : فراشا ؟..
إلى السماء و ما يتصل بها من علوم الفضاء و علوم الفلك و السواقط ( كالمطر و البرق و الرعد)..
إلى البناء و ما يتصل به من علم العدد و الحساب و الأطوال و الأشكال و الإحصاء و الاحتمالات..
لأن الناظر في بناء الأمم التي أشار إليها أول الآية قد تساقط و اندثر فمال هذا البناء باق على حاله و لا أحد يرممه إن لم يكن وراءه خالق؟..
و إنما قال بناء و لم يقل سقفا هنا بخلاف بعض الآيات، و الله أعلم بقصده، لأنه يتحدى أصحاب المهارات و الحسابات و الإحصاءات..
و يتحدى الملمين بعلوم الحساب بأصنافها بما فيها علم العدد الذي يبحث في جزء منه في الكميات و القياسات.. و علم الهندسة الذي يبحث في الأشكال.. و البناء إذا رجعنا لعلم الجبر العام نجده أجل ما يبحث فيه..
ثم علوم الماء و ما يتصل به من تحولات كيميائية لكون الإخراج يأتي بحدوث تلك التحولات و العمليات..
و لم يكن أحد يلم بذلك.. ثم علم الثمار و ما يتصل به من علوم النبات.. و علم الأرزاق و ما يتصل به من علم التصرف و إصلاح المال و التجارة.. و غيرها.. فانظر هذه الأسرار العظيمة.. كيف نشأت..
فإن كانت هذه هي أصول علوم الإنسان وفروعها، المتصلة بحياته، و عقله.. فإن الله تعالى تحدى هذا الإنسان بكل علومه إن هو لم يدرك عظمة الله تعالى و لم يقر بوحدانيته، و لم يؤمن برسالته، أن يأتي بسورة من مثل كتابه الذي أنزل..
فالتحدي، كما هو واضح، كان لكل الناس بمختلف ميادينهم و مناهجهم.. و هذا التحدي ، كما أشرت، يلزم كل من بلغه من الناس، أميهم و قارئهم، عربهم و عجمهم.. لا فرق بينهم إلا في اتباع الحق.. و التزامه و محبة أهله..
معلومات تستحق التقدير والثناء
nice information