أركان الحج وواجباته وسننه

2 665

تنقسم أعمال الحج إلى أركان يجب الإتيان بها جميعاً، ولا يصح الحج بترك شيء منها، ولا يقوم غيرها مقامها، وإلى واجبات يصح الحج بترك شيء منها ويجبر المتروك بدم، وإلى سنن ومستحبات يكمل بها أجر الحاج وثوابه عند الله.


 
أركان الحج
للحج أركان أربعة عند جمهور أهل العلم وهي:
 
1- الإحرام وهو نية الدخول في النسك لقول الرسول- صلى الله عليه وسلَّم-: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى)، وله زمان محدد وهي أشهر الحج التي ورد ذكرها في قوله تعالى {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} (سورة البقرة الآية 197)، ومكان محدد وهي المواقيت التي يحرم الحاج منها.
 
2- الوقوف بعرفة لقول النبي – صلى الله عليه وسلم-: (الحج عرفة، من جاء ليلة جَمْع قبل طلوع الفجر فقد أدرك) رواه أبوداود وغيره، والمقصود بجَمْع: المزدلفة، ويبتدئ وقته من زوال شمس يوم التاسع من ذي الحجة ويمتد إلى طلوع فجر يوم النحر، وقيل يبتدىء من طلوع فجر اليوم التاسع.
 
فمن حصل له في هذا الوقت وقوف بعرفة ولو لحظة واحدة فقد أدرك الوقوف، لحديث عروة بن مضرس رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المزدلفة حين خرج إلى الصلاة، فقلت: يا رسول الله إني جئت من جبل طيئ، أكللت راحلتي، وأتعبت نفسي، والله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: (من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه، وقضى تفثه) رواه أبو داود وغيره.
 
وفي أي مكان وقف من عرفة أجزأه لقول النبي – صلى الله عليه وسلّم-: (وقفت ههنا وعرفة كلها موقف) أخرجه مسلم.
 
3- طواف الإفاضة لقوله سبحانه: {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق} (سورة الحج الآية 29) ولأن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال – حين أُخبرَ بأن صفية رضي الله عنها حاضت – (أحابستنا هي؟، فقالوا: يا رسول الله إنها قد أفاضت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد الإفاضة، قال: فلتنفر إذاً) متفق عليه، مما يدل على أن هذا الطواف لا بد منه، وأنه حابس لمن لم يأت به، ووقته بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة ولا آخر لوقته عند الجمهور بل يبقى عليه ما دام حياً، وإنما وقع الخلاف في وجوب الدم على من أخره عن أيام التشريق أو شهر ذي الحجة.
 
4- السعي بين الصفا والمروة لقوله- صلى الله عليه وسلم-: (اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي) رواه أحمد ولقول عائشة رضي الله عنها: “طاف رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وطاف المسلمون- تعني بين الصفا والمروة – فكانت سنة، فلعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة ” رواه مسلم.
وهذا السعي هو سعي الحج، ووقته بالنسبة للمتمتع بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة وطواف الإفاضة، وأما القارن والمفرد فلهما السعي بعد طواف القدوم.
 
فهذه الأركان الأربعة: الإحرام، والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة لا يصح الحج بدونها، ولا يجبر ترك شيء منها بدم ولا بغيره، بل لا بد من فعله، كما أن الترتيب في فعل هذه الأركان شرط لا بد منه لصحتها؛ فيُشترط تقديم الإحرام عليها جميعاً، وتقديم وقوف عرفة على طواف الإفاضة، إضافة إلى الإتيان بالسعي بعد طواف صحيح عند جمهور أهل العلم.
 
واجبات الحج
وأما واجبات الحج التي يصح بدونها فهي:
 
1- يكون الإحرام من الميقات المعتبر شرعاً لقوله – صلى الله عليه وسلم- حين وقت المواقيت: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة) رواه البخاري.
 
2- الوقوف بعرفة إلى الغروب لمن وقف نهاراً لأن النبي – صلى الله عليه وسلم- وقف إلى الغروب وقال: (لتأخذوا عني مناسككم).
 
3- المبيت بمزدلفة ليلة النحر واجب عند أكثر أهل العلم لأنه – صلى الله عليه وسلم- بات بها وقال: (لتأخذ أمتي نسكها فإني لا أدري لعلي لا ألقاهم بعد عامي هذا) رواه ابن ماجة وغيره، ولأنه – صلى الله عليه وسلم- أذن للضعفة بعد منتصف الليل فدل ذلك على وجوب المبيت بمزدلفة، وقد أمر الله بذكره عند المشعر الحرام.
 
ويجوز الدفع إلى منى في آخر الليل للضعفة من النساء والصبيان ممن يشق عليهم زحام الناس، وذلك ليرموا الجمرة قبل وصول الناس، قال ابن عباس رضي الله عنهما: “كنت فيمن قدم النبيُّ – صلى الله عليه وسلم- في ضعفة أهله من مزدلفة إلى منى” متفق عليه، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “أرسل رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم أفاضت” رواه أبو داود.
 
4- المبيت بمنى ليالي أيام التشريق لأنه – صلى الله عليه وسلم- بات بها وقال: (لتأخذوا عني مناسككم)، ولأنه أذن لعمه العباس أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، ورخص أيضاً لرعاة الإبل في ترك المبيت مما دل على وجوب المبيت لغير عذر.
 
5- رمي الجمار: جمرة العقبة يوم العيد، والجمرات الثلاث أيام التشريق، لأن هذا هو فعل النبي – صلى الله عليه وسلم-، ولأن الله تعالى قال: {واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى} (سورة البقرة الآية 203)، ورمي الجمار من ذكر الله، لقوله عليه الصلاة والسلام: (إنما جُعل الطواف بالبيت، وبالصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) رواه أبوداود وغيره.
 
6- الحلق والتقصير لأن النبي صلى الله عليه وسلم- أمر به فقال: (وليقصر وليحلل) متفق عليه، ودعا للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة.
 
7- طواف الوداع لأمره – صلى الله عليه وسلم- بذلك في قوله: (لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت) رواه مسلم، وقول ابن عباس: “أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض”.
 
وهذه الواجبات يصح الحج بترك شيء منها ويجبر المتروك بدم (شاة أو سُبْع بدنة أو سبع بقرة) تُذبح في مكة وتوزع على فقراء الحرم لقول ابن عباس رضي الله عنهما: “من نسي من نسكه شيئا أو تركه فليهرق دماً”.
 

 
سنن الحج:
وما عدا هذه الأركان والواجبات من أعمال الحج فسنن ومستحبات، كالمبيت بمنى في اليوم الثامن، وطواف القدوم، والرمل في الثلاثة الأشواط الأولى، والاضطباع فيه، والاغتسال للإحرام، ولبس إزار ورداء أبيضين نظيفين، والتلبية من حين الإحرام بالحج إلى أن يرمي جمرة العقبة، واستلام الحجر وتقبيله، والإتيان بالأذكار والأدعية المأثورة، وغير ذلك من السنن التي يستحب للحاج أن يفعلها، وأن لا يفرط فيها اقتداء بالنبي – صلى الله عليه وسلم – وإن كان لا يلزمه شيء بتركها.

2 تعليقات
  1. حسام يقول

    جزاك الله خيرا

  2. بسيونى بسيونى يقول

    حج مبروك وذنب مغفور يا حاج حسااااااااااااااااااااااااام

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد