تسارع دوران الكواكب حول الشمس

0 641

ينص النموذج القياسي للكون أن المجرات التي نراها اليوم لم تكن موجودة في السابق. فعندما كان الكون في البدء كانت المادة كلها في صورة اشعاع (دخان).

 
وعندما انفجر الكون توسع وانخفضت درجة حرارته، وبدأت المادة في الظهور بأشكالها المختلفة.
 
فتحولت طاقة الإشعاع إلى كتلة لتكوين الجسيمات الدقيقة، كما تنص نظرية أنشتين للطاقة والكتلة وذلك بأنهما متكافئتان.
 
تشكلت في البدء الإلكترونات والبروتونات والنيوترونات وجسيمات أخرى لا توجد في الذرات التي نعرفها اليوم.

 

وكانت كل هذه الجسيمات في حالة اتزان حراري يتحول كل جسيم إلى الآخر.
 
وبتوسع الكون بردت حرارته وبدأت تتجمع هذه الجسيمات لتكوين الذرات.
 
فتجمعت الإلكترونات مع البروتونات لتكوين ذرة الهيدروجين، واتحدت البروتونات مع النيوترونات لتكوين أنوية العناصر، مثل عنصر الديوتريوم، واستمر هذا الاندماج النووي مكونا أنوية عناصر خفيفة أخرى.
 
وبتوسع الكون المستمر وانخفاض درجة حرارته سرعان ما توقف تكوين هذه الأنوية لعدم توفر الطاقة الحرارية الكافية للاندماج.
 
بعد هذه الحقبة أصبح الكون مملوء بذرات الهيدروجين وبعض الذرات الخفيفة مثل الهليوم وبقية من ضوء الانفجار.
 
وبعد حوالي ثلاثمائة ألف عام من بداية الانفجار بدأت هذه الذرات بالتجمع لتكّون ما يُعرف بالنجوم.
 
إذاً فالنجوم، مثل الشمس، عبارة عن تجمعات ضخمة من ذرات الهيدروجين.
 
وبسبب قوي الجاذبية بين هذه الذرات بدأت تنمو هذه التجمعات النجمية وتكبر.
 
وبمرور الوقت تتحد مكونة ما يُعرف بالمجرات.
 
وتتكون المجرات في المتوسط من حوالي ثلاثمائة بليون نجم. وبسبب الجاذبية أصبحت هذه التجمعات المجّرية تشكل الكون الذي نعيش فيه اليوم.
 
ولهذه المجرات أشكال هندسية مختلفة، فمنها ما هو كروي وبيضاوي وحلزوني وذلك اعتماداً على طبيعة نشأتها.
 
وتدور كل هذه المجرات حول نفسها بسرعات مختلفة وتتباعد عن بعضها البعض بسبب توسع الكون المستمر.
 
ولقد مر حوالي ثلاثة عشر بليون عام منذ بداية الانفجار. وهذا هو عمر الكون الذي نعيش فيه اليوم. ويُعرف هذا الكون بالكون المنظور.

نجد أن توسع الكون ظل يتباطأ باستمرار وذلك لأن قوى الجاذبية تجعل المجرات تتجاذب مما يؤدي إلى ضعف التوسع.
 
ولكن وللدهشة وجد الفلكيون عام 1998 م أن توسع الكون أصبح يتسارع وذلك من مشاهدة الضوء القادم من الأجرام السماوية البعيدة، والذي أظهر ضعفا مستمرا، مما يعني تباعد هذه الأجرام منا بمعدل كبير.
 
ولتفسير هذا التسارع وضع العلماء عدة نماذج.
 
ينص أحداها بأن الكون مملوء بطاقة خفية (مظلمة) لها ضغط سالب (عكس طبيعة المادة المألوفة) حيث تتنافر مكوناتها مما يؤدي إلى تسارع الكون.
 
ويتطلب أن تمثل هذه الطاقة ثلثي طاقة الكون الكلية، ولكن لسوء الحظ لم تكتشف هذه الطاقة بعد.
 
على الصعيد الأخر، لقد وجدنا نموذجا كونيا آخر يعزي سبب هذا التسارع إلى زيادة قوى الجاذبية الكونية مع الزمن.
 
وبسبب زيادة هذه القوى، ولكي لا يسقط الكون على نفسه، كان لا بُد للكون إلا أن يزيد من تسارعه حتى يبقى في حالة اتزان مستمر. الجدير بالذكر، أن قوى التجاذب الكوني هي قوى ضخمة جدا جدا، تبلغ حوالى 1043 نيوتن.
 
وإن ازدياد قوى هذه الجاذبية له تبعات فلكية وجيولوجية عديدة.
 
بناء على قوانين نيوتن وكبلر الكونية، نجد أن حركة الكواكب والتوابع (الأقمار) تتأثر بشدة بتغير قوى الجاذبية.
 
فالكواكب، مثل الأرض، عبارة عن أجرام سماوية تدور حول الشمس بسرعات ومسافات مختلفة.
 
بعض هذه الكواكب صخري وبعضها الآخر غازي. ويعتبر المشتري أكبر هذه الكواكب حجماً.
 
فإذا زادت قوى الجاذبية تزيد سرعة دوران الكوكب حول الشمس، ويتناقص بُعده عنها وبالتالي تنقص سنة الكوكب. إذاً فالدليل على زيادة قوى الجاذبية هو ظهور مثل هذه التغيرات.
 
فعلى مستوى التوابع، مثل قمرنا، فإن زيادة الجاذبية تؤدي إلى زيادة قوى المد والجزر والتي يمكن ملاحظتها ورصدها عبر القرون السابقة بواسطة الدراسات الفلكية والجيولوجية.
 
تؤدي زيادة المد إلى تباطؤ دوران الأرض حول نفسها الأمر الذي يجعل اليوم طويلا.
 
وبتباطؤ دوران الأرض حول نفسها باستمرار لا تستطيع الأرض المحافظة على تماسك كتلتها. ويؤدي هذا إلى إحداث خلل فيها مما يُعّجل تفككها.
 
هذا يعني أنه في الماضي السحيق، كانت الأرض تدور حول نفسها بسرعة كبيرة جدا، مما جعل اليوم في تلك الحقبة قصيرا، حيث دلت الدراسات على أن طول اليوم كان حوالي ستة ساعات، عندما تكونت الأرض وذلك قبل حوالي 4.5 بليون عام.
 
بما أن زيادة الجاذبية تؤدي إلى اقتراب القمر من الأرض، فإن الأرض تعمل بشد صخوره وبعد فترة من الزمن يبدأ بالتشقق وتتناثر صخوره في الفضاء، كما هو الحال بالنسبة لحلقات زحل، التي يعتقد الفلكيون بأنها كانت في الماضي قمرا يدور حول زحل.
 
وبالمثل، بزيادة قوى الجاذبية تبدأ الكواكب بزيادة سرعاتها حول الشمس واقترابها منها، ويتناقص طول سنينها باستمرار.
 
ولقد دلت الدراسات الجيولوجية أن السنة كان بها حوالي 400 يوم قبل حوالي 400 مليون سنة.
 
وتناقص عدد الأيام في السنة باستمرار إلى أن وصل إلى قيمته الحالية، 365 يوم.
 
أكد النموذج الكوني الذي قدمناه التنبؤ بهذه النتائج، بالإضافة إلى أن الأرض في الوقت الحالي تقترب من الشمس بحوالي 20 متر في العام.
 
هذا يعني أن الأرض كانت على مسافة تعادل حوالي ضعف بعدها اليوم عن الشمس عندما نشأت الأرض، وعليه ستجتمع الشمس والقمر على الأرض في المستقبل البعيد، كما أخبرنا الله تعالى في قرآنه المجيد. وسبحان الله العظيم!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد