خان الصابون في طرابلس … لبنان
في قلب سوق الذهب في مدينة طرابلس، عاصمة الشمال اللبناني، يقع بناء من طابقين يعود إلى القرن الخامس عشر يطلق عليه اسم خان الصابون. وقد أطلق عليه اسم الخان لأن التجار، لبنانيين وأوروبيين، كانوا يربطون خيولهم فيه ليأخذوا أحمالهم أو حاجاتهم من الصابون الذي كان يصنع في الخان الذي بناه والي طرابلس يوسف بك سيفا عام 1480، وما لبث أن أوقفه وقفا ذريا لزوجته، ثم تحول في القرن التاسع عشر إلى أملاك خاصة.
يقول صاحب الخان بدر حسون: «في ذلك الوقت، بدأت الآلة تحل محل العمل اليدوي، وبدأت الصناعة تحل محل الحرفة، والمادة الكيميائية محل المادة الطبيعية، فتوقف إنتاج الصابون اليدوي لينتشر الصابون الصناعي.. لكنني رفضت التخلي عن إرث العائلة، فعدت إلى نفض الغبار عن مصبنة العائلة في الخان عام 1998، وانصرفت إلى إحياء الحرفة التي خرّجت أهم وجهاء طرابلس الميسورين.
يضيف بدر: «لقد كان الخان قبل عودتي إليه، وطوال فترة الحرب الأهلية، مرتعا للمنحرفين والمدمنين على المخدرات، والخارجين عن القانون الذين يعمدون إلى إطلاق النار بسبب ومن دون سبب، وضرب الموس (الطعن بالسكاكين). وكاد أن يتحول إلى حي مقفل وساحة تدور فيها أبشع الأحداث مع أنه مبنى تراثي وله رمزيته في المدينة، ولا يزال باب المدخل الخشبي، الوحيد الذي يوصلك إلى داخل الخان، والوحيد الباقي من الأبواب الخشبية، وهو، من دون شك، يمثل جزءا حميما وعريقا من تاريخ المدينة».
ويؤكد صاحب المعمل أن العمل مستمر ليلا ونهارا وعلى مدى 15 سنة من أجل إعلاء اسم الخان والصابون الطرابلسي الذي كان مضرب المثل، وهو اليوم يأخذ طريقه إلى أوروبا والخليج بأنواعه وأشكاله وألوانه المختلفة، ويقول: «لم أنغمس في الصناعة بل آثرت إحياء الحرفة الطرابلسية النادرة عبر المحترف الصغير الذي أملكه في الخان، والمعمل الأساسي الذي يقوم في محلة (أبو سمرا) على مساحة ألفي متر مربع تحيط بها حقول الزيتون.
كما يضيف «وفي هذا المعمل المحترف كل العمل يدوي، وكل المواد الأولية زهور وأعشاب ونباتات طبيعية، وكل ما ننتجه يتواءم مع البيئة. فهناك الصابون العلاجي ـ والفرنسيون أول من استخدموا الصابون الطرابلسي للمعالجات الجلدية ـ والصابون الملكي، والصابون البلدي العشبي، والصابون العطري، والصابون الزيتي. ولا أغالي إذا قلت إننا ننتج نحو 1400 منتج من الصابون وأشكال العناية بالصحة الخارجية».
ويشير حسون إلى «أن معظم الإنتاج يصدر إلى الخارج، ولا سيما إلى أوروبا والخليج، ونتهيأ للدخول إلى الولايات المتحدة قريبا».
عناصر المحتوي
مراحل التصنيع:
أولاً، يتم تقطير الاعشاب التي تدخل في صناعة الصابون من ثم تقطير الاعشاب، من بعدها يطبخ الصابون على طريقة الطبخ الحامية، ثم يتم ادخال ماء الاعشاب الطبيعة العطرية.
وتستغرق مدة الطبخ من 8 الى 16 ساعة، ثم ينشف لايام عدة، ليتم طبخه على البخار وادخال النبتة التي نريدها، اضافة الى مادة العسل التي تساهم في المحافظة على الأعشاب، وأخيراً التغليف بالطريقة اليدوية.
هذا ويتم ختم كل صابونة حفاظاً على هويتها، بالإضافة إلى تاريخ تصنيعها.
وتخضع المواد الأولية للفحوصات في مختبرات خاصة، كذلك المنتج بعد نهاية عملية تصنيعه. وفي المختبر، يتم التشديد بشكل خاص على مصادر المياه التي تستعمل في التصنيع حيث تخضع لفحوصات مخبرية.
بالنسبة للوقت، تختلف عملية الفحص بين منتج وآخر، وبحسب المكونات الموجودة في كل منتج، فلكل عينة من صابون نهار كامل وأحياناً يومان اذا كان المكون صعب تحليله.
مسيرة خان الصابون:
تطورت مع الدكتور بدر حسون وعائلته ، بإحياء هذا الخان في العام 1990حيث بدأت هذه الصناعة تشق طريقها أكثر فأكثر الى الشهرة، واكتسبت الصفة العالمية، فاليوم منتجات خان الصابون منتشرة في كافة أصقاع العالم؛ بدءاً من لبنان الى الدول العربية كالسعودية وقطر ودبي، مروراً بالدول الأوروبية، وحتى الصين لم تسلم من منتجات آل حسون.
وأعلن أنه “تم انشاء قرية بدر حسون البيئية، “بمواصفات عالمية”، في ضهر العين بالفرب من طرابلس، تتضمن بناء أثريا وحدائق للاعشاب الطبية والعطرية، باشراف اخصائيين ومنظمة ISO، كما يتضمن المشروع معامل ومختبرات متطورة تواكب العصر، مع الحفاظ على تراث هذه الحرفة. وقال: “حازت القرية على شهادة الجودة لتصنيع المواد التجميلية الطبيعية، مع الاشارة إلى أن عشرة معامل في العالم قد نالوا هذه الشهادة، ونحن الوحيدون في الشرق الأوسط وأفريقيا حصلنا عليها و هذا بحد ذاته إنجاز مهم”.
يؤمن “الحسّونيون” بأن صناعتهم هي صناعة لبنانية مميزة، وبالفعل فهي تنافس أهم الماركات العالمية، ليبقى خان الصابون سفير الصناعة اللبنانية والرائحة الطيبة.
أغلى صابونة في العالم:
تحتوي الصابونة على 17 جراما من بودرة الذهب وثلاثة جرامات من بودرة الألماس، ممزوجة بخيرات الطبيعة من العطور والزيوت وغيرها، بالإضافة إلى قطعة من الذهب تحمل اسم قطر يمكن الاحتفاظ بها بعد استخدام الصابونة، تصنيع هذه الصابونة استغرق 6 أشهر، وانتهى العمل أواخر العام 2013.
الصابونة هذه أنتجتها “قرية بدر حسون البيئية” في ضهر العين، بتكلفة مالية تبلغ 2800 دولار أمـــيركي، ودخلت في موسوعة الأرقام القياسية العالمية “جينيس” في قطر.
متحف الصايون:
وكشف حسون عن التحضير “لإنشاء متحفٍ لعرض 1400 صنف تشمل كل الصناعات من “قرية بدر حسون البيئية” في منطقة القلمون على مدخل منطقة الشمال، وسيكون أكبر متحف لصناعة الصابون في العالم”.