هل تعلم كيف يعود الحمام الزاجل الى بيته ثانية ؟
أشارت أعمال بعض علماء الطيور وخبراء سلوك الحيوان , منذ أربعينيات القرن العشرين, إلى أن هنالك نمطين رئيسيين من الآليات التي تمكن الحمام من أن يعود إلى بيته بشكل منتظم تقريباً :
فهو قادر على الاهتداء بالنسبة إلى الاتجاهات الكبرى مثلما نستدل بالبوصلة , وقادر على أن يحدد موضعه بالنسبة إلى شواخص مكانية, مثلما نستدل بالخريطة .
الشمس والمغناطيسية الأرضية هما اللتان تدلانه على الاتجاهات الكبرى, والشواخص التي يستخدمها هي إبصارية , وصوتية وشمية .
يبرهن الحمام الزاجل, الذي دجنه الإنسان منذ زمن بعيد , وعن تعلق لا يزول بالحظيرة أو البرج الذي ينتمي إليه, وخلال مباريات الحمام الزاجل, يطلقون الطير أحياناً على بعد مئات الكيلو مترات من مأواه, ويعود إليه دائماً تقريباً .
ولكن لوحظ أنه يستدل إلى الطريق على نحو أصعب في الطقس الغائم, مما يشير إلى أهمية الشمس في تنقلاته.
مع ذلك تنطوي آلية من هذا النوع على مفهوم دقيق للزمن . عملياً يغير الحمام زاوية اتجاهه بالقياس إلى الشمس وفقاً للساعة. مآ سر ذلك ؟
لدية ساعة داخلية حقيقية , ذات إيقاعات بيولوجية متوافقة مع تعاقب الليل والنهار. هذه الساعة الداخلية, ويمكن تقديمها وتأخيرها بتعريض الحمام لضوء صناعي يطيل أو يقصر مدة النهار .
عندما يطلقونه على مسافة بعيدة من برجه , يتجه حين ذاك في أتجاه خطاً .إلا أنه قادر على تصحيح مسارة ,ومن المعتقد اليوم أنه لا يتخذ الشمس في حساب توضعه بشكل دقيق , بل يستخدمها كبوصلة عادية لتعطيه أتجاهاً , فيضبطه من خلال أليات أخرى .
مثلا : يقارن موضع الشمال المغناطيسي بموضع برجه . تأثير المغناطيسية الأرضية معروف منذ عقود , وقد تأكد ذلك عام 1979 باكتساب كتلة مجهرية من ( المغنتيت) ( مغنطيس طبيعي ) وهو أكسيد حديد طبيعي بين مخ الحمام وقحفه .
وربما تكون هذه البلورات الصغيرة الشبيهة بالمغناطيسات الميكروبية بمثابة بوصلات صغيرة للطير كي يستدل بشكل أدق .
يستنفر الحمام كل حواسه دون شك . وقد بينت تجارب عديدة أنه يظهر لدية قصور في الاهتداء حين سد فتحات منخرية أو حين أشباعهما بروائح عطرية .
وتبقى فرضيتان بحاجة إلى إثبات ,فدرته على إدراك الروائح على مسافات بعيدة ,
أي بضع عشرات أو مئات الكيلومترات, والاهتداء بالأصوات تحت السمعية , فلربما كان الحمام حساساً للترددات الخفيضة التي لا تلتقطها الأذن البشرية .